أسباب غامضة وراء موت السيدة علياء على فراش الولادة
عائلة الفقيدة تطالب بالحقيقة ووزارة الصّحة تفتح تحقيقا في الموضوع
شهد المستشفى الجهوي محمود الماطري بأريانة أواخر الأسبوع الماضي حادثة وفاة غامضة راحت ضحيتها سيدة في عقدها الثالث تدعى علياء القروي بعد أن قصدت المستشفى المذكور يوم 30 نوفمبر بغرض متابعة حالتها الصحية بدقة ووضوح عملا بنصائح طبيبها المباشر لتخضع في مرحلة لاحقة إلى عملية ولادة قيصرية أودت بحياتها.
وللاطلاع على تفاصيل هذه الحادثة توجهنا مباشرة الى قسم الولادة بالمستشفى المذكور أين حاولنا الاتصال بأصحاب القرار هناك إلا أن الجميع استقبل مطلبنا بالرفض بتعلة عدم الإلمام بالموضوع او تهربا من المسؤولية و لكن الجدير بالذكر هو تعاون بعض الأطراف العاملة بهذه المؤسسة و الذين رفضوا التصريح بأسمائهم حيث أفادتنا إحدى الممرضات أن الضحية توفيت نتيجة نزيف حاد ومضاعفات لا يستطيع الكشف عنها إلا الطبيب المباشر لعملية الولادة فيما صرح لنا عون آخر انه تم نقل الجثة صبيحة الخميس 3 ديسمبر الى مصلحة الطب الشرعي بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة من اجل فحصها و تحديد الأسباب الحقيقية للوفاة خاصة بعد ان أصبحت القضية في عهدة إدارة الشرطة العدلية بإقليم أريانة مع مطالبة اهل الضحية بعرض جثة هذه الأخيرة على الطبيب الشرعي الذي يبقى أملهم الوحيد لكشف الغموض الذي يحوم حول وفاة الهالكة .
ولادة ...فنزيف...فموت :
اذا كانت اغلب الآراء الأولية تتفق حول وجود خطإ طبي فادح فان الإهمال و التهاون يبقى سببا رئيسيا آخر في تعكر حالة الفقيدة التي خضعت لعملية قيصرية وضعت على إثرها مولودا من جنس الإناث.. ليفاجئها بعد حوالي 4 ساعات نزيف حاد على مستوى الرحم حسب ما أفادنا به اخوها السيد الحبيب القروي وصهرها السيد يوسف الجريدي وهو ما جعلها تتألم بشدة ليلة الحادثة إلى أن اضطرت مرافقتها بالغرفة إلى الاتصال بزوج الفقيدة.
وبدوره اتجه الزوج على جناح السرعة صوب المستشفى ورغم طول المسافة الفاصلة بين مكان إقامته بقنطرة بنزرت و مستشفى أريانة إلا أن وصوله كان أسرع من سيارة وحدة العناية المركزة ( samu ) و التي ساهم تأخرها في فقدان الضحية لكميات مهمّة من الدماء وفي حدود الساعة السابعة صباحا علمت العائلة بوفاة السيدة علياء.
و هنا تجدر الإشارة إلى أن مستشفى محمود الماطري يلتجىء في مثل هذه الحالات الحرجة إلى الاستنجاد بمؤسسات صحية مجاورة على غرار مستشفى المنجي سليم بالمرسى خاصة و انه يفتقر إلى لوحة عناية مركزة قارة من شانها ان تساهم في الإحاطة بالحالات الخطيرة و الاستعجالية .
حقنة قاتلة :
هذه الأسباب و غيرها عجلت برحيل السيدة علياء القروي متأثرة بما لحقها من نزيف و أوجاع وفي هذا الصدد أفادنا السيد الحبيب القروي أخ الفقيدة أن أخته قامت بالاتصال بزوجها في آخر مكالمة بينهما ليلة الواقعة أعلمته خلالها بتلقيها حقنة كانت رفضتها رغم تعنّت الطبيب المباشر وهذا بحكم إلمامها بمثل هذه الإجراءات خاصة و أنها تعمل كقابلة بمستشفى قلعة الأندلس كما ألحت على زوجها باسترداد جميع حقوقها في حال إصابتها بمكروه.
وبالفعل فقد صدق حدس الفقيدة لترحل عن الدنيا تاركة رضيعة يتيمة الأم و عائلة ملتاعة و مصدومة يحدوها عزم و إصرار على تقصّي الحقيقة و كشف اللبس عن وفاة قريبتهم علياء في انتظار ما سيسفر عنه تقرير الطب الشرعي.
فخلال زيارتنا لعائلة الفقيدة تابعنا مختلف مجريات الدفن و اطلعنا على مختلف الآراء التي أجمعت على طيبة الراحلة علياء التي كانت لا تتوانى عن إسداء خدماتها الصحية لمختلف أبناء حيها و أقاربها هذا إضافة إلى ما كانت تتميز به من رفعة الأخلاق وحسن المعاشرة .
و نظرا للحالة النفسية السيئة التي كان عليها أب الفقيدة و زوجها فقد التجأنا إلى صهرها السيد محمد علي بالحاج مبارك وشقيقها السيد الحبيب القروي اللذين اجمعا على فداحة المكروه الذي أصاب الضحية مشددين رفقة عائلتها الموسعة على تحميل المسؤولية كاملة للفريق الطبي العامل بالمستشفى ليلة الحادثة لان النتيجة في النهاية هي فقدان روح بشرية كان بالإمكان إنقاذها.
بين التفقدية الطبية و القضاء :
وعلى اثر هذا الحادث أذن وزير الصحة العمومية بفتح تحقيق مفصّل جنّد له نخبة من الخبرات الطبية المؤهلة للنظر في مثل هذه الوقائع والتابعة لادارة التفقدية الطبية بالوزارة من اجل مزيد العمل على كشف الحقيقة ومحاسبة الاطار الطبي المسؤول في حال ثبوت وجود التقصير وقد أفادنا في هذا الغرض الدكتور قاسم بن خليفة مدير إدارة التفقدية الطبية انه تم معاينة المستشفى المذكور واستدعاء الاطباء المشرفين على هذه العملية يوم 6 ديسمبر الحالي في حين لا تزال المساءلة قائمة والتحقيق مفتوحا في انتظار ما سيسفر عنه من معطيات تمكن الإدارة من الجزم بوجود الخطأ من عدمه بالتعاون مع السلط القضائية و تقرير الطبيب الشرعي الذي لا يزال رهين المختبر.